المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء الدورة 29 ..يحتفي بمنجزه الإبداعي والثقافي والمسرحية والتواصلي

صورة لعرض ” سأموت في المنفى ” تأليف وأخراج غنام غنام

 

أحمد طنيش
 
 
عادتا وفي كل المهرجانات يخفت الإيقاع في اليوم الأخير قبيل الاختتام، ليتم الاستعداد لحفل يحتفي بالأيام وبالمهرجان وبالضيوف وبالإبداع وبالمنجز، لكن الدورة 29 من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، الذي عاش أيامه المهرجانية من 4 إلى 9 يوليوز 2017، رفع إيقاعه في اليوم الأخير من الفعل المهرجاني، وكان يوم السبت 8 يوليوز 2017، يوما تتويجيا واحتفاء عبر الفقرات التالية:
ـ الفقرة الأولى: صباح اليوم كان محطة للندوة العلمية للمهرجان التي ناقشت الثيمة والشعار: “الحركة، خاصية المسرح المعاصر”..أقيمت الندوة بفضاء عبد الواحد خيري بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، سير أشغالها الأستاذ رشيد حضري، وكان متدخلوها الأساتذة، ميلود بوشايد، عماد فجاج، أحلام المرسلي، عياد السبيعي..
تمحورت الندوة حول مفهوم الحركة وواقع تدبيرها وحضورها في المجتمع من خلال العلاقة مع الجسد، حيث ركزت معظم المداخلات على أن الجسد يعيش غرابة في مجتمعه وذلك ظاهر في التمثلات والاسقاطات التي تمارس عليه في ثقافتنا الشعبية، كما أشير أن الجسد يناضل حاليا لإبلاغ خطابه مطالبا بذهنية أخرى وثقافة مغايرة..
وعلاقة بالموضوع مع الحدث، المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، والفعل المسرحي، أشير أن الحركة في المسرح تتم عبر ترجمة النص إلى فعل وهي تفاعل بين المتخيل والواقعي، وأن المسرح حياة وكل مافيه حي ويحكي الحياة إلى الجمهور وفعل المحاكاة التي يمارسها تمثل لهذه الحياة، والحياة توجد في الجسد المتحرك الحي والحيوي..فإذا تتبعنا سيرة الجسد سنجد أنفسنا نبحث في سير أخرى موازية يحضر فيها المسرح بقوة، بل تحضر كل الفنون عبر كل المحطات من تم فالجسد آلية وموضوع لكتابة تاريخ الفنون..
الفقرة الثانية: تزامنت لحظات الندوة، مع اشتغال أهل الورشات التكوينية على بلاطو فني تركيبي لمنتوجهم الداخلي لكي يقدم كباكورة جهد وعمل في حل الاختتام، وتصور وعمل الورشات مارس بعض الآليات لفك لغة الجسد وإعطائه الكلمة..
 كأن اللحظتين معا لحظة الندوة ولحظة إبداع لوحة الاختتام من طرف أهل الورشات، كانا تكاملا وحوارا مع بعضهما البعض، فإذا كانت الندوة تقدم الرأي والتصور والفكر في شكل نظري، فالورشات في تلاقيها وتناغمها وعملها تقدم ما هو تطبيقي وتطلعي واستشرافي..
 الفقرة الثالثة: عشنا زوال اليوم المهرجاني الأخير، حفلا مسرحيا تواصليا أخد حكاياته التي شخصها من الجمهور وتواصل عبر لغة المسرح الموظفة لكل الفنيات والتقنيات التي تقودها الحركة وبطلها الجسد تلك الآلة التي يعزف عليها الممثل كما يشاء ليعطي منتوجه وفرجته ومعزوفته، قدم الحفل/مسرحية “حمقى” وفق الشكل المفتوح من طرف فرقة المستقلين من فرنسا بالمركب الثقافي الحسن الثاني..
كان العرض المسرحي الثاني في عشية اليوم  لفرقة كلية الآداب بنمسيك مع مسرحية “انتظار” المستنبتة من طرف الكاتب المسرحي المبدع محمد قاوتي، عن انتظار كودو، لصامويل بيكيت.
الفقرة الرابعة: كان ختام اليوم المهرجاني الأخير قبيل حفل الاختتام، في الليلة الأخيرة وليست النهائية، مسك العروض وفرجة متعددة الرؤى، تواصلنا من خلالها مع رؤية وتصور كوريا الجنوبية للحركة والعلاقة من الجسد، مع مسرحية “جرة الأم” حكاية المسرحية أن الأم تريد الخروج لعملها لكن تشبت ابنتها بها يدفعها إلى استمالتها ومحاولة التملص منها بأن تهديها جرة نقاؤها، عبر هذه الحكاية كان العرض حكيا آخرا بالجسد والحركة حيث قيل بهما كل شيء وزيادة..
استمر الحفل في اليوم المهرجاني الأخير، حيث مباشرة بعض عرض كوريا الجنوبية، استضافنا غنام غنام، رئيس لجنة التحكيم، بمونودراما ” سأموت في المنفى” وكأن اللجنة تود أن تقول لنا جميعا إنكم أمام لجنة مهنية مبدعة لها كلمة في الأداء والفعل والحركة والمسرحة، وتقول للفرقة المسرحية المتبارية، “كلنا مبدعون وعشاق الخشبة والمسرح”.. المسرحية مقتبسة من السيرة العائلية لغنام غنام والتي قال عنها في العرض أنها عائلة مغمورة لكن حكايتها تشبه حكايات كل المنفيين وما أكثر حكاياتهم، غنام غنام ينتمي إلى الفن المنخرط في قضايا المجتمع أو الفن الملتزم بمفهوم كرامشي، لذا الرجل يمارس فنا تنويريا، من خلاله يرفع راية الحق في العودة إلى فلسطين، نقرأ عنوان مسرحيته “سأموت في المنفى” أنه تصريح ومطلب ومطالبة وتوصية من الرجل أنه لا يريد أن يموت في المنفى.. 
—————————————————–
المصدر : مجلة الفنون المسرحية 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *