الممثلة والمخرجة التونسية” انتصار عيساوي”: مسرحية ” ليس الا” عن الفنان المشتت بين الموجود والمنشود. على المسرح الابتعاد عن المباشرة والشعارات في مواجهة التطرف-رسمي محاسنة

رسمي محاسنة

http://www.mncdaily.com/

انتصار عيساوي” ممثلة ومخرجة تونسية، خريجة المعهد العالي للفن المسرحي، فنانة مثقفة، وعميقة الوعي،بدات كممثلة في مسرحيات” شرق، وسينما، وعودة الديكتاتور، والكمنجة، وبعد الثورة اخرجت مسرحية” سيبني احلم” و” ساتورن” ومسرحية” ليس الا” التي شاركت في مهرجان المسرح الحر في الاردن.

حول تجربتها المسرحية، والمسرح التونسي والعربي كان هذا الحوار.

. ماهي هواجس المسرح التونسي بعد ” الثورة”؟.

.. الفنان التونسي تاثر بما يسمى بالربيع العربي، وانعكس ذلك من خلال الاعمال الفنية وان كان بشكل متفاوت، لكنه يعيش وضعا صعبا مثله مثل الفنان العربي، فهو الاكثر حساسية الامر الذي انعكس على علاقته بما يسمى بالثورة، فالحراك الشعبي جاء ومعه الكثير من المطالب، ووجد الفنان نفسه يعيش حالة صدمة من الواقع السياسي والثقافي والاقتصادي، واصبحت الثرثرة حالة سائدة، ولذلك فان الفنان الحقيقي هرب الى اعماله الفنية، لتجنب التاثيرات السلبيىة، المتولدة عن حالة الغليان المقموع، ونحاول نحن المسرحيين التعبير عن هذا الواقع من خلال اعمالنا.

. مسرحية ” ليس الا” جاءت في هذا الاطار عن حالة التهميش والهذيان الذي يعيشه الفنان.

.. هي تعبير عن المرأة، وصورة تعكس الوضع الحياتي في تونس والعالم العربي، عن هذا التشظي والهذيان،عن السياسي الذي يقوم بتغييب الثقافي والاقتصادي، وعن هذه الثرثرة السياسية التي نعيشها، عن هذا الضياع، والتارجح مابين النزوع نحو التحرر، ومابين حالة المبالغة بالتدين، والانكفاء نحو الداخل. عن الفنان المهمش الذي يحلم، لكنه مشتت بين الموجود والمنشود.

. هل هذه الحالة تمثل مظهرا عاما في الاعمال الفنية التونسية؟

.. بعد “الثورة”، هناك مساحة اكبر من الحرية، لكن المشكة في النماذج الجديدة التي ظهرت ،والشعب يعيش حالة من الضياع، فالبيئة لم تعد قادرة على الاجابة على كثير من الاسئلة الراهنة،والفنانين بعضهم لم يعد قادرا على الوصول الى الناس، حيث تاهت منه ادوات واساليب التعبير، واصبحت كل الاعمال الفنية تقريبا تتناول الثورة وافرازاتها.

. هل هذا هو سبب وجود اكثر من اسلوب في الاخراج والاداء بالمسرحية؟

.. لقد اجتهدت بالاقتراب من تاثير وانعكاس الثورة على الفنان، حيث شخصيات تبحث عن وجودها، وترغب باعادة انتاج ذاتها، ولذلك لم اعتمد على مدرسة واحدة، ولا على اسلوب واحد في اداء الممثل، ومن الطبيعي ان يبحث الفنان عن نفسه بين كل المدارس، فلم يكن عندي خط واضح لمصائر الشخصيات، لانها شخصيات تعيش حالة من القلق والتمزق كما هو الوضع العام، فهي نتاج هذه البيئة، التي لم تعد قادرة على انتاج الجمال، ولذلك في المسرحية نجد ان المراة فقدت احساسها بالصوت، وفقدت صوتها الجميل، وحركتها الجميلة.

. لكن هناك جيل من الشباب بدأ يفرض صوته.

.. على الجانب الاخر افرز الوضع القائم جيل متنور من الشباب، يتحرك ضمن مساحة الحرية التي لم تكن متاحة سابقا، ويمكن القول ان لدينا موجة جديدة، اهم مايميزها التنوع، حيث انا اقدم الكوميديا السوداء، وهناك المسرح الجاد، ومسرح العبث، وهناك طروحات وافكار مختلفة.

. ماهو توقعك لمسار هذا التحول المسرحي؟.

.. هناك ارادة وتعب واصرار وقناعات صلبة ومباديء، ونحن في المسرح التونسي نجاهد من اجل الكلمة والمبدأ والحق والجمال، والاعمال في اغلبها محكومة بالوعي، لانه يجب ايصال صوت الشعب.

. ما مدى تفاعل الجمهور التونسي معكم؟

.. الجمهور التونسي من الصعب ارضاؤة، ولكن هذا التنوع في المسرح اعطى خيارات، بحيث ان كل واحد يمكن ان يتابع مايتفق مع ثقافته وميوله،والشباب يقدمون اعمالا تمس واقع الانسان التونسي، وهناك ثراء في الطروحات من حيث الشكل والمضمون.

. برأيك..كيف يمكن توظيف المسرح لمكافحة التطرف؟

.. بداية يجب على المسرح الابتعاد عن المباشرة والشعارات، والتكرار الممل، والتركيز على مسرح الصورة، الذي يتغلغل في الوجدان، ويحمل الدلالات الجمالية والمعرفية،فالمسرح له دور كبير في التنوير وبناء الشخصية، وحماية الشباب من الافكار الظلامية، لذلك على المسرحيين العرب ان يكونوا قريبين من المشاهد العربي، ويقوموا بدورهم المطلوب منهم مهنيا واخلاقيا.

. ماذا عن المسرح العربي والمهرجانات العربية؟

..احس بفرح شديد، لان هناك حالة تحول في المسرح العربي، وان دولا مثل الاردن والكويت والامارات تقدم تجارب مسرحية تستحق الاحترام، وبخاصة مايقدمه الشباب من افكار جديدة على مستوى الشكل والمضمون، اما المهرجانات المسرحية العربية، فهي حاضنة للتواصل بين المسرحيين العرب، لكن لابد من البحث عن صيغة جديدة، وان نطرح سؤالا مهما وهو هل الفن هواية ام مهنة؟ ولابد من التفكير بالجانب المادي للفنان، فهو ليس دائما قادرا على المشاركة المجانية مع تحمل بعض التكاليف، لان هذه مهنته، ويستحق ان يكون مرتاح ماديا حتى يتفرغ لمزيد من العطاء والابداع.

المصدر/ ميديا نيوز

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *