المسرح والعلوم الإنسانية

د. محمد عبد الرحمن الشافعى

تحتوى العلوم الانسانية على مجموعة من التخصصات التى تناولت حياة البشر وفكرهم ونشاطهم وكيفية حياتهم، ومن ضمن هذه العلوم: الفلسفة، التاريخ، الجغرافيا، علم النفس، القانون،السياسة وغيرهم الكثير؛ كذلك الفنون بشكل عام والدراما أوالمسرح بشكل خاص، ربما لأنه فن شامل على الكثير من الفنون الآخرى، أو لأنه غريزة إنسانية عرفها الإنسان منذ بداية وجوده لتفسير لغز حياته، وربما هو أكثر الفنون تعبيرا، أو لأنه يتطور مع التطورات الاجتماعية.

كما أنه من الصعب أن نجد مجتمعا بلا مسرح، سواء كان هذا المجتمع متقدما أو متأخرا، متشددا دينيا أو متفتحا ومتطلعا لأفكار جديدة ومختلفة، المسرح موجود داخل كل المجتمعات ومخاطبا لكافة الطبقات. إذن فقد حرص المسرح على مر التاريخ أن يحافظ على وجوده ضمن هذه المجموعة المرتبطة بالحياة الاجتماعية وأن ينافس العلوم الآخرى، وأصبحت فنون وأداب المسرح من ضمن المقررات الدراسية للكثير من التخصصات الجامعية المختلفة كمادة ثقافية إنسانية فى شكل أدبى تحتوى على معلومات تاريخية وخبرات حياتية وآخرى سيكلوجية، فأصبحت دراسة الدراما موجودة ليس فى المعاهد المتخصصة لفن التمثيل فحسب، بل أصبحت من المواد الأساسية فى بعض تخصصات كليات الأداب والعلوم الاجتماعية والانسانية، فدراسة النصوص المسرحية تطلعنا على العديد من الثقافات الآخرى من عادات وتقاليد تجعلنا نقبل ثقافة الآخر ونحترمه، بل إن دراسة الدراما أمتدت لتصل فى بعض الدول المتقدمة إلى المعاهد والكليات العسكرية لما تحتويه من صراع وتكتيك ومواقف سياسية وخلافه. كذلك مشاهدة الأعمال المسرحية يعد جانبا ثقافيا يثرى المشاعر الوجدانية ويهذبها لما فيه من جماليات التمثيل والموسيقى والمناظر والإضاءة والتقنيات المختلفة. ونحن هنا بصدد المسرح الحقيقى سواء على مستوى النص أو مستوى العرض، هذا المسرح الذى يحترم ذكاء ومشاعر جمهوره ويطور منهما. فأصبح من الضرورى أن يعطى للفن المسرحى المكانة الذى يستحقها،وكما يقول «لوركا» الشاعر والكاتب الأسباني: «إن المسرح من أكثر الوسائل تعبيرا، وأفيدها فى بناء البلاد؛ كما أنالشعب الذى لا يساعد مسرحه، ولا يشجعه، شعب محتضر إن لم يكن قد مات.»

———————————————

المصدر :مجلة الفنون المسرحية –  الأهرام 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *