المسرح العربي ومواكبة العصر!!سامي عبد الحميد

أثارتني المقالة المطوّلة التي نشرها (الدكتور احمد شرجي) في صفحة المسرح بجريدة المدى الغراء، والتي جاءت تحت عنوان (المسرح العربي وتحديات الراهن) وجاءت الإثارة من قيام الكاتب بتفنيد مزاعم كتاب آخرين حول عدم مواكبة مسرحنا لمعطيات عصرنا وحول وجود أزمة في النص المسرحي العربي وحول مسألة تأهيل المسرح العربي. وحول غياب الأنسقة عن النص المسرحي العربي.
لا أريد ان اتطرق الى معطيات المسرح في البلدان العربية الأخرى وساقتصر على معطيات مسرحنا العراقي لانها اقرب الي من غيرها. واجد ان مطلب (الدكتور فاضل الجاف) من المسرح العراقي ان يكون مواكباً لعصرنا، غير محق. وكما يبدو فهو لم يتابع عن كثب حركة المسرح العراقي فمن ناحية موضوعات نصوص مسرحنا في السنوات الأخيرة نؤكد انها عكست واقع الحياة العراقية بأزماتها وصراعاتها. ونذكر هنا على سبيل المثال نصوص فلاح شاكر (قصة حب معاصرة) و(الجنة تفتح ابوابها متاخرة) و(في اعالي الحب) ونصوص عادل كاظم (الرجال الجوف) و(النساء الجوف) ونصوص أخرى لكل من (علي عبد النبي) و(قاسم مطرود) و(مثال غازي). ومن ناحية اشكال العرض المسرحي فقد اتجه عدد من المسرحيين الشباب وخصوصاً اولئك الذين لجأوا الى بلدان أوروبا، نحو تقديم ما هو جديد في الشكل المسرحي قريب الشبه بما يشاهدوه من عروض في بلاد المهجر. كما فعل عدد من المخرجين المتمرسين امثال (صلاح القصب) و(عقيل مهدي) و(عواطف نعيم) و(كاظم النصار) و(احمد حسن موسى) و(بستان العزاوي). ولم يكن (الدكتور حميد علاوي) محقاً في نظر (احمد شرجي) ومن وجهة نظري ايضاً حول وجود ازمة نص عربي فقد اصبح لدينا خزين كبير من النصوص التي كتبها مؤلفون عراقيون منذ نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ثم منتصفه ونذكر منهم (خالد الشواف) و(صفاء مصطفى) و(عادل كاظم) و(يوسف العاني) و(نور الدين فارس) و(طه سالم) و(جليل القيسي) و(محيي الدين زنكنه) وجميع نصوصهم المسرحية ترقى الى مستوى النص الدرامي القريب من التكامل في عناصره وفي بنيته.. وجميعها مع نصوص الذين ظهروا وبرزوا بعد اولئك ترسم صورة واضحة لهوية المسرح العراقي كما هي نصوص (عز الدين المدني) و(كريم بورشيد) و(محمود ذياب) و(ميخائيل ردمان) و(سعد الدين وهبة) و(نعمان عاشور) و(يوسف ادريس) و(نجيب سرور) و(علي سالم) و(الفريد فرج) و(رياض عصمت) وعلي عقلة عرسان) و(سعد الله ونوس) و(مصطفى الحلاج) و(ممدوح عدوان) وغيرهم. وهكذا فلا حاجة بنا الى البحث عن هوية خاصة للمسرح العربي وذلك في المصادر التراثية فالهوية موجودة في نصوص اولئك والتي عبرت عن واقع الحياة العربية وفي رؤى المخرجين العرب امثال (الطيب الصديقي) و(ابراهيم جلال) و(المنصف السويسي) و(يعقوب الشدراوي) و(ريمون جبارة) و(منير ابو دبس) و(شكيب خوري) و(الجعابي) و(الجبالي) و(جواد الأسدي) وآخرون. وكلهم اسسو لهوية اخراجية متميزة رغم مرجعياتها الاوروبية.
اذن ليست هناك ازمة في تدوين تاريخ المسرح العربي وقد صدر العديد من الكتب حول هذا التاريخ وكان آخرها السلسلة التي اصدرتها (الهيئة العربية للمسرح) تحت عنوان (المختصر المفيد في المسرح العربي الجديد) وليست هناك ازمة ارشفة المسرح العربي. فبالاضافة الى الاصدارات العديدة اعدت بحوث علمية عديدة ساهمت في عملية الارشفة. وليست هناك ازمة تنوع حيث هناك متنوع واسع في مضامين العروض المسرحية وتنوع كبير في اشكالها ابتداء من العروض التقليدية ووصولا الى العروض التجريبية ومروراً بعروض المسرح الموسيقي وانتهاء بعروض الرقص الدرامي او الرقص التفسيري.

http://www.almadapaper.net/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *