المرأة ومعادلة التكامل في المسرح العالمي

ان قضية مشاركة المرأة في المسرح العالمي باعتبارها عنصرا اساسيا لتتوازن المعادلة القائمة على التكامل بين دور الرجل ودور المرأة في المشهد المسرحي. كون المسرح صورة جديدة مستوحاة من الحياة، ويستطيع أن يجذب المشاهد وينتزع إعجابه ويثير دهشته وأفكاره ويطرح في الوقت نفسه قيم ومبادئ انسانية , ،وهكذا نجد المسرح منذ اليونان والرومان وصولا إلى القرون الوسطى وما ساد فيها من محاولة منع وتحريم المسرح من قبل الكنيسة وسيادة تلك النظرة الأحادية إلى المرأة التى تمثلت فى كونها عاجزة عجزا نفسيا وبيولوجيا وأجتماعيا وظلم بسبب التقاليد والعادات التى وضعها الإنسان فى تلك الحضارات والتى حددت للمرأة مكانة، تتبع فيها خطى الرجل، تلاحق خطاه دون أن يعنى وجودها هذا أية دلالة على الإستقلال أو القدرة على العطاء إلا من خلال تبعيتها للرجل. فجاء في القرن التاسع عشر الكاتب المسرحي هنيرك ابسن في مسرحياته التي اكدت على قيم جديدة تدعم النساء ألاتي يتمرّدن ضدّ قواعد المجتمع. فكانت صرخة الحرّية التي دوّت وبشكل محموم في جميع أنحاء أوروبا، صوت الأقلّيات ضدّ القوى الغالبية الساحقة، ذلك الصوت الباعث الذي سمعته روحه الشابة آنذاك ليتسلّمها مع الإيمان والفرح. فكان تأثير ذلك على طابع مسرحياته المتمرّدة بشخصياتها والسابقة لعصرها. الصرخة للثّورة أنتجت حركات وتغيّرات في جميع أنحاء أوروبا التي أصبحت أمام وضع جديد بعد انهيار سلطة الكنيسة والثقافة التي كانت تروجها الكنيسة على مدى القرون السابقة وبذلك تأتي صورة المرأة الجديدة عند “إبسن” فى القرن التاسع عشر لترصد تغييرا أو تحولا لصورة المرأة السابقة، تحولا سعى “إبسن” من خلاله ليؤكد على ضرورة إعادة النظر فى العادات والتقاليد والقوانين التى تحكم هذا المجتمع، ومن ثم قدم عددا من الأعمال المسرحية أعتبرت فاتحة الطريق وبداية حقيقية لتقديم صورة للمرأة الجديدة ، وبالذات مسرحية بيت الدمية التي قام بكتابتها عام 1879 ، وهي المسرحية التي جعلت منه كاتبا مشهورا رغم أنها لم تكن مسرحيته الأولي. وتدور أحداث المسرحية عن نورا المتزوجة من تورفالد هيلمر وهي زوجة قوية ومكافحة عاشت من أجل استقلالها وحريتها والعمل على المساواة من الرجل، ومن أجل فكرتها عملت لتساهم في الحياة الزوجية ماديا. ولإنقاذ حياة زوجها الذي تكالبت عليها الديون إلى أن غادرت بيتها وزوجها مصفقة باب المنزل خلفها لتكون تلك التصفيقة رمزا للرفض وللغضب. خرجت غاضبة لاعنة حياتها في بيت زوجها (بيت الدمية)، معبرة عن أنها ما كانت إلا دمية يمتلكها تورفالد هيلمر.”. إن إسهامات “إبسن” مهدت لظهور كتاب مسرح غيروا كثيرا فى ملامح الشخصية النسائية، ذلك أن المسرحيات الحديثة، التى إرتبطت فى نشأتها بـ”إبسن”، قدمت معالجات درامية صورت المرأة على غير ما كانت عليه من قبل، فبعد أن كانت شخصيات لا تعرف ماذا تريد، ضحايا لقوى مستبدة ، فاقدة للوعى والقدرة المادية على الفعل، تتغير الأحداث فى مسرحيات “إبسن” فى مسرحية “بيت مية” لنتعرف على شخصية “نورا” التى تحولت وأصبحت شخصية واعية قادرة على الفعل بثورة جديدة للمرأة على القيم البالية .

—————————————–

المصدر : مجلة الفنون المسرحية –  محسن النصار

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *