السقوط فى حفرة التطرف / محمد بهجت

الفكرة الجيدة التى تحمل قيمة اجتماعية وإنسانية نبيلة لاتكفى وحدها لصنع نص مسرحى جيد .. والعرض الذى قدمته المخرجة المجتهدة عبير لطفى على مسرح ميامى تحت عنوان «بس انت موش شامم» واحتشد فيه عدد كبير من الموهوبين على رأسهم النجم فتحى عبدالوهاب لا يمكن أن يغطى على العيب الرئيسى فى العمل وهو النص المباشر المعتمد على ثنائية الخير والشر دون تبرير دوافع الجانب الشرير المتطرف أو محاولة فهمه.. والنص قام بكتابته أحمد دياب وأحمد صبحى ولا أدرى ايهما صاحب الفكرة الجميلة وأيهما الذى أفسدها بضعف الحوار

والمسرحية تتناول رصدا تاريخيا لظهور بذور التطرف الدينى فى المجتمع المصرى وتزاوج التطرف مع الفساد السياسى من خلال بالوعة صغيرة مكشوفة فى أحد الشوارع .. والكل يستهين بأمر تلك الحفرة وما يصدر عنها من روائح كريهة، بينما هى تكبر مع مرور الأيام وزيادة حجم الإهمال واللا مبالاة حتى تتحول إلى وحش يبتلع المارة ويجذبهم إلى الأفكار الرجعية ومحاربة الفن والجمال .. قدمت الفكرة من خلال ثلاث لوحات تمثل مراحل تاريخية مختلفة مع مشاهد جانبية لرجل وزوجته «فؤاد وسعاد» يمثلان العيش الهانيء فى الزمن القديم قبل ظهور الفكر المتطرف بالطبع وفقا لرؤية الكاتبين والتى تختلف كثيرا مع التاريخ الحقيقى لظهور التيار الرجعى المتطرف .. ورغم ضعف الكتابة قدم فتحى عبدالوهاب تجسيدا رائعا لثلاث شخصيات متباينة لجد مسن صاحب مكتبة وشاب رومانسى يعشق الرسم ويعمل فى بازار لبيع التحف الفنية والمنحوتات ثم مخرج معاصر عصبى وحاد ومتمسك بأفكاره ورؤاه، كما اظهر محمد عادل قدرات كوميدية واضحة فى شخصية الإنتهازى المتلون صاحب محل شرائط الفيديو والذى لا يمانع من بيع بضاعة المنحرفين والمتطرفين والمخدرات ما دامت كلها تحقق له الربح الوفير .. وأجاد أحمد عثمان تجسيد شخصية رجل الحكومة الفاسد المتحالف مع الجماعات الإرهابية ببساطة وذكاء كبيرين وهو ممثل منذ أن شاهدته لأول مرة فى مسرحية البيت النفادى يؤكد على أنه موهوب جدا ولم يحصل على الفرصة التى يستحقها بعد ..وتألقت فى الأدوار النسائية رباب طارق فى أكثر من شخصية لتبرهن على قدرتها فى تنويع الأداء والإنتقال من شخصية لأخرى بأداء مقنع دون مبالغة ..وكذلك نجحت حنان عادل التى وظفتها المخرجة فى أدوار تتناسب مع ملامحها الطفولية وصوتها الرقيق ..أما غرام سعد فاستطاعت ان تجذب الأنظار و تتحرك بخفة ورشاقة وفقا للشخصيات التى لعبتها .. وربما من أهم عناصر الجودة فى تلك المسرحية الأغنية التى كتبها حسام حداد ولحنها احمد على الحجار نجل المطرب الكبير وحفيد وتلميذ عملاق المقامات الشرقية الراحل ابراهيم الحجار .. كما شارك فى العرض كل من هشام عادل وايمان الشرقاوى واحمد سعد واياد أمين ومحمود عبد الرازق وهى مجموعة من المواهب تحتاج الى فرصة أخرى مع نص أكثر حبكة لتظهر امكانياتهم الحقيقية

المصدر/ الاهرام

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *