الحايك يوثق اتجاهات ومسارات المسرح السعودي

يعترف الباحث والمؤلف المسرحي السعودي عباس الحايك أنّ الدخول إلى المسرح السعودي عبر بوابة التوثيق، لابد أن تمر بدروب شائكة ووعرة، هذه الدروب اقتطعت من عمره خمس سنوات من البحث والتقصي لينتج عنها كتابه الصادر حديثا عن الهيئة العربية للمسرح في الشارقة تحت عنوان: (المسرح السعودي: اتجاهات ومسارات).

وعن تجربة الكتاب يشير الحايك إلى أن عملية الكتابة عن البدايات صعبة وتحتاج للتثبت من كل معلومة رائجة، محاولا في البداية التثبت من الأسئلة الكبرى وأولها: “متى كانت بداية المسرح في المملكة وهو السؤال الذي انطلقت منه خاصة بعد جدل الريادة الذي دار في أروقة الصحافة ووسائل التواصل”، ويضيف الحايك: “فمن الآراء المتداولة حتى في الكتب والبحوث التي تناولت المسرح في السعودية، ما يشير إلى ريادة الشيخ أحمد السباعي الذي كان بصدد عرض مسرحيته (فتح مكة) وافتتاح مسرح قريش بمكة في العام 1960م، ولكن مشروعه المسرحي توقف ولم ير النور وهو ما عمده رائداً للمسرح السعودي عند بعض المسرحيين والباحثين”.

وعاد الباحث إلى بدايات سنة 1974م حين قدم إبراهيم الحمدان مسرحيته (طبيب بالمشعاب)، حيث رأى فيها الناقد والشاعر السوري نذير العظمة وناصر الخطيب، أولى الأعمال المسرحية بالمملكة، بينما رأى نفر آخر الريادة عند الأحسائيين حين أطلقوا مشروع جميعة الثقافة والفنون 1971م والتي تأسست بعد سنتين بشكل رسمي -وفق ما يقول الحايك-، إذ يشير في الكتاب إلى الرأي الذي يُرجع الريادة لمدينة عنيزة التي احتضنت مسرحية في العام 1928م وحضرها الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود، مبيّناً أنّ هذا التضارب في الآراء حول الريادة ينسحب أيضاً على التضارب والجدل حول ريادة مسرح الطفل بين الراحل عبدالرحمن المريخي ود. عبدالله آل عبدالمحسن.

وقدم كتاب الحايك استعراضاً لروافد المسرح في المملكة، والجهات المختلفة التي قدمت مسرحيات حتى تلك التي لا علاقة بها بالمسرح والفنون، مثل شركة أرامكو، وأمانة مدينة الرياض، كما استعرض تجربة الفرق الأهلية كرافد مهم للحركة المسرحية، منذ تأسيس أول الفرق الخاصة: فرقة فنون جدة 1986م، كما استعرض في الكتاب المهرجانات المسرحية التي تنتظم في مختلف مدن المملكة المتوقف منها والمستمر، وتناول في الكتاب الجهد الأكاديمي، من خلال الأطروحات المسرحية التي قدمت ونوقشت في جامعات المملكة، حيث قدم الكتاب مسرداً للأطروحات التي تمكن من الوصول إليها، والأطروحات الأكاديمية للمسرحيين السعوديين في جامعات غربية، كأطروحة الراحل د.بكر الشدي ود.نايف خلف، وخصص جزءاً من الكتاب حول تجربة د. ملحة عبدالله النظرية وعن جهدها الأكاديمي والمعرفي وعن نظريتها (البعد الخامس في المسرح) والمعتمدة من جامعة بيركلي الأمريكية، وهذه الصورة البانورامية للمسرح المملكة، تتسع أكثر مع توجه الحايك للجانب النقدي، حيث استقرأ كل ما يخص المسرح السعودي من قضايا، مثل: المسرح النسائي، ومسرح الطفل والمعاهد المسرحية، وخصوصية المسرح السعودي، والنص المسرحي.

أما حول العقبات التي واجهت المؤلف؛ لفت الحايك إلى “صعوبة جمع المعلومات، وتوثيقها، والتأكد من هذه المعلومات، وقصور جهات رسمية كبعض الجامعات عن توثيق تجربتها، والاحتفاظ على أقل تقدير بكل ما يخص تجربة المسرح الجامعي المهمة، التي كانت رافداً للمسرح السعودي”، إلى جانب كون الكتابة عن تجربة مستمرة، والتجربة المسرحية لا تهدأ وتتجدد كل يوم، موضحاً: “الكتاب لا يمكن أن يكون مكتملاً وقد يواجه بنقد حول غياب معلومة ما هنا أو هناك، فالمعلومات التي وردت في الكتاب هي ما تسنى لي خلال خمس سنوات من العمل المضني الحصول عليه من الجهات التي تعاونت معي، وأمدتني بما لديها، خاصة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والمسرحي علي السعيد الذي يملك مشروعاً أرشيفياً للمسرح السعودي وبشكل فردي، والذي لم يبخل علي بما يملك”.

عباس الحايك الذي يعدّ من أبرز المسرحيين السعوديين كتب العديد من المسرحيات التي نفذت على امتداد الأقطار العربية، ومنها مسرحية (المزبلة الفاضلة)، وصدر له: مسرحية (فصول من عذابات الشيخ أحمد – الشارقة 2002م) و(المزبلة الفاضلة ومسرحيات أخرى 2011م)، و(علبة الدهشة) ومقالات ورؤى في المسرح الصادر عن فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام 2014م، والعديد من الدراسات والمشاركات في المهرجانات وندوات المسرح العربي.

 

.علي سعيد

http://www.alriyadh.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *