«الجِلف».. ضيف ثقيـل الظـل /باسم صادق

استهل الكاتب الروسى أنطون تشيخوف نصه «الجلف» بجملة «مزحة من فصل واحد».. ومن يقرأ النص يكتشف أنه بالفعل مزحة تولدت طرافتها من رحم مأساة أرملة أربعينية تبدى إخلاصها وحبها لزوجها حتى بعد مماته، ولكنها رغم هذا تقع فى غرام ضابط متقاعد اقتحم عليها حياتها ليحصل على ما اقترضه منه زوجها المتوفي.. ومن مفارقات طباعه الغليظة أمام رقتها وأنوثتها تنساب الكوميديا فى سلاسة وبساطة.

ولكن ما شاهدناه على مسرح الطليعة كان «الجِلف» ثقيل الظل بالفعل على الجمهور، فالمخرج والمعد وبطل العرض محمد مكى حوله إلى ملهاة مبتذلة معتمدا على إفيهات سوقية وأداء تمثيلى مبالغ فيه لاستجداء ضحك الجمهور، وخاصة فى مشاهده مع أحمد السيد الذى لعب شخصية «لوقا الخادم المتشبه بالنساء» فتباريا فى إلقاء الألفاظ والأداءات غير الأخلاقية باستدعاء الجملة الشهيرة للراحل غسان مطر «اعمل الصح» واستخدام مؤثرات صوتية فجة، وهو ما أهان عذوبة النص وإمكانية تقديمه بما هو أبسط من ذلك بكثير، خاصة مع محاولات إيمان إمام «السيدة بوبوفا» تقديم أداء متوازن ومتنوع يوحى بتغير حالها من الحزن إلى الوقوع فى حب هذا الجلف ولكنها بدت مغلوبة على أمرها أمام طوفان الأداء المبالغ فيه للبطل والخادم .

وأتصور أن المخرج ــ الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية- خانه التقدير حينما قام ببطولة العرض بجانب الإخراج والإعداد الدرامي، لأن بعض المخرجين الممارسين للتمثيل يتجاهلون أهمية وجود عين المخرج كمؤشر وبوصلة لأداء الممثل وهى الوظيفة التى لا يمكن أن يحل محله أحد فيها إذا قام هو نفسه بالتمثيل فى عرضه، لذا جاءت رؤيته مشوشة، فمزج بين العامية والفصحى بلا مبرر درامى سوى رغبته فى الإضحاك، فأفقدنا الإحساس بالديكور الواقعى لـ د. محمد سعد وخسرنا تواصلنا مع رؤية إبراهيم الفرن فى الإضاءة وأيضا مع أدائه لرقصات محمد عبدالصبور، ناهيك عن أنه أنهى العرض على لسان الخادم بمونولوج مقحم عن قيمة الحب فى حياتنا رغم أن موافقة السيدة على الزواج كانت كافية لتوصيل الرسالة وإنهاء العرض ببساطة.

المصدر/ الاهرام

محمد سامي / موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *