إثارة الحوار – حول النقد وتقبله في المسرح : حاتم عودة

 

المصدر / محمد سامي موقع الخشبة

كتب  الممثل المسرحي العراقي الاستاذ رائد محسن على صفحته الشخصية على الفيس بوك منشورا محتدما يخاطب فيه السيد وزير الثقافة الاستاذ فرياد راوندوزي ويحمله مسؤولية دعمه للعرض المسرحي ( مانيكانات – للمخرج العراقي المغترب الاستاذ فاروق صبري ) والذي قدم قبل ايام على خشبة المسرح التجريبي الصغير التابع للمسرح الوطني , وهو من كتابة صباح الانباري  وتمثيل الاساتذة طه المشهداني و ميلاد سري .. واذ نؤيد هنا في ان العرض غير مفحوص جيدا  قبل عرضه لكننا نقول لاتتحمل الوزارة فقط نتيجة انتاجها لهذا العرض وغيره من العروض التي تدفع لها ميزانيتها مباشرة , بل تتحمل دائرة السينما والمسرح الوزر الاكبر باعتبارها الدائرة المتخصصة والتي تستشيرها الوزارة دائما لبيان الراي .. ولا يعفي عدم وجود اسم الفرقة الوطنية للتمثيل او قسم المسارح على بروشور المسرحية من المسؤولية .. لان الوزارة لا تلزم الدائرة وهي متخصصة بهذا الشان ولا تجبرها على عرض غير مقتنعة به .. خصوصا وان جميع العاملين بالعرض من ممثلين وفنيين هم من منتسبيها ( اي الدائرة ) اضافة الى ان جميع البروفات قد اقيمت في المسرح الوطني وامام انظار ادارة الفرقة وادارة المسارح .. اضافة الى بعض الزيارات التي قام بها اداريين الى هذه البروفات .. علما انه سبق وان ردت الدائرة عروضا كانت الوزارة تروم انتاجها بميزانيات خاصة فالغت الأخيرة تلك المشاريع ..رضوخا لرأي الدائرة باعتبارها جهة متخصصة ..  أما بالنسبة للعرض وما أثير حوله من انتقادات فهو حق لكل متلقي عادي فضلا عن المتلقي المختص و تبقى في النهاية وجهات نظر علينا ان نقبلها او نتحاور معها شريطة ان لا تمس الذوات وتبتعد عن التجريح الشخصي والتجاوزات .. وان ترتقي لمستوى النقد والانطباع و إثارة الأسئلة وتبادل وجهات النظر و الآراء بتحضر وعدم التبييت وحمل الضغينة والتدخل بالخصوصيات ..

    من المؤكد ان ليست هناك عروضا مسرحية متكاملة .. أي ان كل العروض المسرحية التي تقدم على مختلف الخشبات هي عروض قابلة للنقد وابداء الملاحظة حولها ومنها بالطبع العرض المسرحي مدار الحديث  ( مانيكانات ) والذي يطرحه المخرج فاروق صبري ضمن مشروع له تحت عنوان المونودراما المتعاقبة والذي كان من المفترض أن يطرح تنظيره لها مع العرض باعتباره المعادل التطبيقي للتنظير .  

    ومن باب الملاحظة فان العرض  حمل الكثير من الطروحات المتناقضة مع ما يفكر به الجمهور في هذه المرحلة .. والتي اعتبرت مسيئة لدى البعض .. بالرغم من إننا نعيش في جو الديمقراطية وهامش الحرية .. إضافة للفوضى الإخراجية و السينوغرافية والثرثرة التي اكتنفتها الحركة على الخشبة .. وقد كان لمشهد المضاجعة الذي مارسه الجلاد على ضحيته في بداية المسرحية .. الفعل الأكبر في الاشمئزاز من العرض حيث انتقل  المشهد من التعبير عن التعذيب إلى التقزز من الفعل حيث تحول إلى فعل جنسي مكشوف وعاري عن الحَجْبْ وكان بالإمكان الاكتفاء بالرمز أو الدلالة أو تجزئة الفعل بطريقة أخرى . وفي رأيي الشخصي فان المخرج لم يكن مضطرا إلى إظهار هكذا مشهد على الخشبة .  

    أما موضوع المونودراما التعاقبية فأنني  اتسائل هنا ما الداعي لها ؟ .. لأنني بصراحة لم أرى لها نفعا بل ربما العكس .. فقد أثقلت العرض  و أربكته  و لأنها غير مدروسة بتيقن فأنها قد أصبحت عبارة عن مسرحيتي مونودراما منفصلتين عن بعضهما وكان من الممكن تقديم واحدة فقط .. لان في المونودراما الأولى والتي كان بطلها الجلاد كانت الضحية حاضرة ( المانيكانات ) وكان بإمكانها أن تتكلم لولا أن المخرج قد اجل ذلك إلى النصف الثاني من العرض .. ولو تكلمت وتداخلت في الجزء الأول لكانت واحدا من أسباب إبعاد الرتابة عن أداء الممثل والملل عن المتلقي .. وينطبق هذا الكلام برمته على الجزء الثاني من العرض أو على المونودراما الثانية التي أعقبت الأولى .. وعلى هذا فإننا نرى إن المونودراما المتعاقبة لم تتوفر على معطيات حقيقية بإمكانها أن تثبت وجودها على ارض الواقع الفكري للبحث المسرحي ..

    وتبقى الجهود محفوظة لجميع العاملين لإنتاج العرض , فأنهم اجتهدوا حسب نواياهم وقدموا عرضا بقناعاتهم ولهم الحق في الدفاع عنه .. ولكن لهم رأيهم و للآخرين  أرائهم أيضا .. وهذا احد أهم الأركان التي يستند إليها المسرح في وجوده وهو إثارة الحوار.

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *