عين على المسرح -قطاع الثقافة بعين الدفلى في ضوء فعاليات التكوين في الـمـسـرح ورشة الكتابة الدرامية للأستاذة ” برمانة سامية ” إلمام واسع وتجاوب أكبر من لدنّ المتربصين-بـقـلـم : عـبـاسـيـة مـدونـي – سـيـدي بـلـعـبـاس- الـجـزائــر

أبو الفنون ، الفن الجامع لشتى الفنون ، والمسرح بحجم حاجته الى فضاء للعرض والى ممثل ، فهو كذلك في مسيس الحاجة إلى نص درامي ينطلق منه ، وبفضل ذلكم النص يتحدّد مسار العملية الإبداعية والركحية ، هذا النص بمختلف ملامحه واتّجاهاته ، وبأهمّ عناصره ومكوناته التي تشكّل قيمة ومنطلقا حينما تتلاقى شتى العناصر وتحوّله الى نص معروض ركحيا .

ولمّا كان من الضروري الاهتمام بهذا الشق من العناصر المكونة لأي عمل مسرحي ، فالكتابة الدرامية تعدّ منطلقا ونواة لابدّ من الإلمام بخصائصها ومكوناتها ، وحينما كان التكوين في مجال القواعد المسرحية أمرا جوهريا نحو استقطاب الشباب المهتم بعالم  المسرح ، وبما أنه    ( التكوين ) قاعدة أساس نحو تأهيل الشباب والوقوف عند مهاراتهم ، فإن قطاع الثقافة بولاية عين الدفلى قد بعث فعاليات دورة تكوينية في المسرح لصالح مدراء مؤسسات ودور الشباب ، ليكونوا فاعلين في المجال ويعملون مستقبلا على تحقيق التفاعل والانصهار المطلوبين في الحقل الثقافي والفني لا سيّما مسرحيا .

من ذلكم المنطلق ، تتواصل ورشات التكوين في المسرح ، وهما ورشتي ” الكتابة الدرامية ” تحت إشراف وتأطير الأستاذة ” برمانة سامية ” من قسم الفنون ، جامعة الجيلالي ليابس من سيدي بلعباس ، وورشة ” الأداء التمثيلي ” للفنان والممارس ” زموري سمير ” ، الورشتان اللتان انطلقتا منذ يوم 24 ديسمير من سنة 2018 ، ما تزال فعالياتهما متواصلة إلى غاية 29 من الشهر الجاري من سنة 2018  ، وهذا على مستوى فضاء دار الثقافة  ” الأمير عبد القادر” تحت إشراف السيد والي ولاية عين الدفلى ، والسيد مدير قطاع الثقافة السيد ” حسناوي محمود ” ، من باب تحفيز الكفاءات وتشجيع المهارات فنيا ، واكتساب مؤهلات مستقبلية نحو الإبداع الجادّ والرصين .

ورشة ” الكتابة الدرامية ” والتي تؤطرها الأستاذة “برمانة سامية “، والتي استقطبت في يومها الأول حوالي خمسة ( 15 ) متربصا ، فقد انفتحت على متربصين إضافيين ، وقد اتّكأت المؤطرة في ورشتها على عديد الأساسيات والمحاور التي تعدّ ركيزة النص الدرامي ، بما في ذلك أبجديات الكتابة الدرامية من منطلق مكونات وعناصر  هذا النص الدرامي والتي تعدّ أسس البناء الدرامي وكل عنصر حسب أهميته  ، مشيرة إلى الفكرة وهي الثيمة المتغلغلة في كيان العمل الفني ، وهي ما يحاول المؤلف تجسيده في نصه من خلال الشخصيات ، كما أن الفكرة هي جوهر الإشكالية أو القضية التي يطرحها المؤلف في نصه الدرامي، فاختيار الفكرة هو العنصر الأساس والأولي في بناء أي نص درامي فهي محور ارتكاز، ولابد لها أن تكون واضحة الأبعاد والاتجاهات حتى يتمكن المؤلف من إيصالها إلى جمهور متعدد المشارب والأذواق معبرا عن رؤيته الفنية وطرحه الدرامي .

ثم الشخصيات التي تعدّ الوسيط الذي يحمل المضمون الفكري الذي يطرحه كاتب النص ، حيث من خلال طرحه يحمّل تلكم الشخصيات خطابا وحوارا ضمن حيّز العلاقات فيما بينها والتي ربطها وفق رؤيته وبعده ، مع تحديد دور كل شخصية في تحريك الفعل الدرامي وتوجيهه سواء كانت تلكم الشخصيات محورية أي رئيسية أو ثانوية ، كما أنه هناك شخصية نمطية .

هذا وقد أشارت مؤطرة الورشة الأستاذة ” برمانة سامية ” إلى أبعاد الشخصية في النص الدرامي ألا وهي البعد الفيزيولوجي ( المادي أو العضوي) ، وهو ما يتعلق بتركيب جسم الشخصية ذكرا أم أنثى ، مع الأخذ بعين الاعتبار الطول ، العمر ، لون الجلد ، الشعر والعينين وهو ما يحدّد البعد المادي للشخصية ، وبتلكم الأبعاد الفيزيولوجية يمكن تحديد الفوارق بين شخصية وأخرى ، وبفضل تلكم الفوارق أيضا نلامس عنصر التأثير ، فذلكم البعد العضوي  هو ما يشكل البعد الرئيس والأساس للشخصية .

أما البعد السوسيولوجي أي الاجتماعي يكمن في تحديد بعد التعليم ، الديانة ، الجنسية ، الطبقة في المجتمع وجميعها عناصر تحدد الفوارق بين عنصر وآخر ، فمستويات التعليم وطبقة الشخصية وديانتها وانتمائها هو ما يحدّد مسار تلكم الشخصيات كما يحدّد التباين الجوهري بين شخصية وأخرى .

في حين أشارت إلى البعد السيكولوجي أي النفسي وهو ما يربط بين البعدين السابقين ، وهو ما يحدّد ميول ، مزاج وتركيبة الشخصية ، مع الإشارة إلى عناصر القوة ومركبات النقص داخلها ، وكل تحديد لذلكم الميل والمزاج يكون أداة نحو الوقوف عند مدى قدرة كل شخصية على الابتكار والتجديد والتعايش وغير ذلك ، وبفضل تظافر تلكم الأبعاد الثلاثة يتمّ تكوين هيكل الشخصية لتظهر لنا وحدة مجسّدة في العمل الدرامي ، وكل شخصية تحمل في ثناياها بذورا للتطور .

مع الإشارة إلى عنصر الحبكة وهي الجزء الرئيس في العمل الدرامي فهي نواة    التراجيديا ، وهي ما يشكل الإطار الرئيسي للفعل ، كما أنها الخط  الذي يكشف عن الشخصيات وتطورها ، هي بذلك تتابع للأحداث ضمن حيّز وحتمية درامية وفق تسلسل منطقي ، وبذلك فإن الحبكة هندسة وبناء الأجزاء المسرحية وربطها ببعضها البعض بغية تحقيق تأثيرات فنية وانفعالية ، وهي تتكون من بداية ، وسط ونهاية وفق البناء الأرسطي التقليدي ، والحبكة أنواع منها حبكة بسيطة ، حبكة معقدة ، حبكة محكمة وحبكة مفككة ،  فالبسيطة هي          ما تتكون من حدث درامي واحد من بداية العمل إلى نهايته ، أما المعقدة فهي ما تتكون أحداث فرعية تغذّي الحبكة الرئيسية ، في حين الحبكة المحكمة نلفي بها تتابعا حتميا للأحداث ، أمّا الحبكة المفككة هي ما يبنى على سلسة من الأحداث المنفصلة ، وتكون فيها الأحداث بعيدة عن التسلسل والانتظام  .

هذا وقد أشارت إلى مكونات الحبكة ألا وهي المقدمة الدرامية ، نقطة الانطلاق ، الحدث الصاعد ، الاكتشافات ، التنبؤ ، التعقيد ، التشويق ، الأزمة ، الذروة ، الحدث الهابط والحل شارحة بالتفصيل كل جزء على حدة .

ناهيك عن تطرقها إلى عنصر الحوار وهو الكلام المتناقل بين شخصيتين أو أكثر ، باستخدام لغة الحوار لعرض الفكرة والبعد الدرامي وفق آراء فلسفية ، إيديولوجية أو تعليمية ،مع إشارتها إلى قيم الحوار الخاصة ، فهو ما يدفع إلى تطوير الحدث الدرامي ، ويكشف الشخصية وما يميزها ويعري انتمائها واتجاهاتها واهتماماتها ، كما انه يولّد لدى المشاهد الإحساس أنه مشابه للواقع ، ويبرز خاصيتي الأخذ والرد بين الشخصيات ، وبفضل الحوار نكشف الأحداث الجارية والمقبلة التي يعبر عنها كاتب النص الدرامي ، وكل كلمة بالحوار تكشف حقيقة معينة ، فالحوار أداة ووسيط ينقل العمل الدرامي إلى المتلقي قارئا كان أم مشاهدا ، مع استرسالها في طرح وظيفة الحوار التعريف بالشخصيات ، التعبير عن الأفكار ، تطوير الأحداث وتسهيل عملية تجسيد العمل الدرامي ركحيا .

كما أكّدت على أهمّ عنصر في البناء الدرامي ألا وهو الصراع والذي يعدّ النواة والعمود الفقري فيه ، ويكون ذلكم الصراع بين إرادات إنسانية ، تحاول إحداها كسر إرادة الأخرى ،ولابد ان يكون الصراع ما بين إرادتين متكافئتين أو بين قوتين متكافئتين تحقيقا للبقاء .

في حين الإيقاع هو سيرورة العمل الدرامي ضمن إيقاع متناغم ومتسلسل بشكل منطقي يمنح الإيقاع العام للعمل .

هذا وقد تطرقت إلى الوحدات الثلاث ، بما في ذلك وحدة الزمكنة ( الزمان والمكان ) ووحدة الموضوع أي وحدة الفعل ، ناهيك عن إشارتها إلى نقطة سينوغرافيا العرض من خلال النص الدرامي ( الإرشادات الإخراجية في النص الدرامي ) ، حيث لا تكتمل عناصر العمل الدرامي دونما التأكيد على السينوغرافيا من إضاءة ، أكسسوارات ومؤثرات صوتية بشكل احترافي ومهمني يتوافق ورؤية الكاتب والمخرج على حدّ سواء ، وكل عنصر مرتبط بالآخر وفق مصداقية وتصور فني .

الأستاذة ” برمانة سامية ” في محورها الثاني ضمن أشغال ورشتها تناولت  تحليل نص مسرحي من خلال من خلال قراءة استكشافية تحليلية ، ليكون مجالا خصبا في محورها الثالث حيث تمّ التركيز  المحور الثالث بالتركيز على كتابة وضعية درامية  كعصارة للورشة  الكتابة الدرامية .

وقد أفادتنا الأستاذة ” برمانة سامية ” أن ورشة ” الكتابة الدرامية ” التي أشرفت عليها جعلتها أمام مجموعة من الشباب المهتمّ والمتعطش للمعرفة والممارسة في ميدان أبي    الفنون ، كما أنها لامست مدى تركيزهم وتفاعلهم وشغفهم المعجون بمدى حاجتهم للتكوين بخاصة في ميدان المسرح الذي يرون من خلاله نافذة نحو الإبداع واستكشاف عوالم الذات وملامسة حرياتهم وتطويع مواهبهم الدفينة التي هي في حاجة للدعم والمتابعة الميدانية .

كما أكّدت على خاصية التكوين للشباب في حقل الفن الرابع ، الذي يكتنز عديد العوالم والاتجاهات ، حيث لابد من تكثيف كذا مبادرات للتكوين في المسرح  ووضع الكفاءات والمواهب في إطارها الأنسب ، وفسح مجالات الإبداع أمامها تعبيرا عن ذواتها وطموحها وأفكارها واستثمار كل ذلك خدمة للفن والثقافة ، وللمسرح على وجه الخصوص .

 

بـقـلـم : عـبـاسـيـة مـدونـي – سـيـدي بـلـعـبـاس- الـجـزائــر    

 

 

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *